[المطلب الرابع الحالات التي يرد عليها النقض وحكم كل حالة]
الحالة الأولى: أن يورد المعترض النقض بما يسلِّم به المستدل.
وإيراد النقض بناء على ذلك صحيح؛ لأن على المستدل أن يفي
بمقتضى علته، وهو: وجودها في جميع المحال، والمعترض يخبره
بعدم وجودها في بعض المحال، وإذا بين له ذلك كانت العِلَّة منتقضة
باعتراف المستدل، فلزمه النقض.
مثاله: قول المستدل: الخل مائع مزيل للعين والأثر، فجاز أن
يكون مطهراً للمحل النجس؛ قياساً على الماء.
فيقول المعترض: هذا منتقض بالدهن، فهو مائع مزيل للعين
والأثر، ومع ذلك فإنه لا يطهر المحل النجس عندكم.
الحالة الثانية: أن يورد المعترض النقض بناء على أصله هو الذي
يسلم به، لا على ما يراه المستدل.
وإيراد النقض بناء على ذلك قد اختلف فيه على مذهبين:
أصحهما: عدم جواز إيراد المعترض النقض بناء على أصله؛ لأن
العلة التي أوردها المعلل حُجَّة على المعترض، والنقض الذي يورده
المعترض دعوى، ولا تنقض الحُجَّة بالدعوى.
مثال ذلك: قول المستدل: لا يقتل المسلم بالذمي؛ لأنه كافر،
فلا يقتل به المسلم؛ قياساً على الحربي.