للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الثامن بيان أن العلَّة يشترط فيها أن لا تخالف نصا أو إجماعاً

هذا قد اتفق العلماء عليه؛ لأن العلَّة مستنبطة من حكم الأصل

الثابت بالنص أو الإجماع، فالعلَّة هي الوصف الذي دلَّنا عليه النص

أو الإجماع، وإذا كان الأمرَ كذلك فلا يعقل أن يخالف العلَّة

أصولها، وهو النص، أو الإجماع، وتكون علَّة صالحة لثبوت

الحكم، فإذا علل أحدهم بعِلَّة تخالف نصا أو إجماعاً، فإنها

مردودة.

مثل: ما ورد عن بعض فقهاء الأندلس، حيث أفتى للملك الذي

أكثر من الجماع في نهار رمضان بأنه يصوم شهرين متتابعين، وعلل

ذلك بسهولة العتق على مثل هذا الملك لما لديه من الأموال والجواري

حيث لا يجد في ذلك أي نوع من المشقة، ولا يحقق الزجر الذي

شرعت الكفارة من أجله، فألزمه بالصوم الذي هو يشق عليه،

وأجدر بتحقق الزجر والردع لأمثاله.

لكن هذه العِلَّة مردودة؛ لأنها مخالفة للنص، وهو حديث

الأعرابي الذي رتب كفارة الجماع في نهار رمضان على ثلاث مراتب:

أولها: عتق الرقبة، فإن لم يجد فالصيام، فإن لم يستطع فالإطعام.