للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المبحث الثالث عشر هل يجوز للمجتهد أن يقول في الحادثة الواحدة

قولين متضادين في وقت واحد؟

لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أنه لا يجوز ذلك، فلا يجوز له أن يقول في

الحادثة الواحدة قولين متضادين كالتحريم والإباحة في وقت واحد.

وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ للأدلة التالية:

الدليل الأول: أن الصحابة - رضي اللَّه عنهم - قد تكلموا في

فروع فقهية كثيرة - كما سبق في باب القياس - ولم يحك ويرو عن

أحد منهم أنه قال في مسألة واحدة قولين متضادين في وقت واحد،

مع أنه روي لنا آلاف من الآثار عنهم، وهذا يدل على عدم جوازه.

الدليل الثاني: أن قول المجتهد في مسألة واحدة قولين متضادين

في وقت واحد لا يخلو من ثلاث حالات:

الحالة الأولى: إما أن يكونا صحيحين.

الحالة الثانية: إما أن يكونا فاسدين.

الحالة الثالثة: إما أن يكون أحد القولين صحيحاً، والقول الآخر

فاسداً.

أما الحالة الأولى - وهي: كونهما صحيحين - فلا تصح؛ لأن

الشيء لا يجوز أن يكون حلالاً حراما، ولا نفيا ولا إثباتا؛ حيث

إنهما ضدان، ولا يمكن اجتماع الضدين.