المطلب الثامن عشر هل يجوز التعليل بالعِلَّة القاصرة؟
تحرير محل النزاع:
لقد سبق في المطلب الثالث الذي هو في تقسيمات العِلَّة: أن
قلنا: إن العِلَّة من حيث تعديها وعدم ذلك تنقسم إلى قسمين: " عِلة
متعدية "، و " علة قاصرة ".
أما العِلَّة المتعدية فهي: ما يئبت وجودها في الأصل والفرع،
أي: تتعدى من محل النص إلى غيره كالقتل العمد العدوان،
والزنا، والإسكار، والكيل " وغير ذلك.
أما العِلَّة القاصرة أو الواقعة، فهي التي يثبت وجودها في الأصل
فقط، ولا تتعدى إلى الفرع، أي: لا تتعدى محل النص كالسفر
المبيح للفطر والقصر، والاستبراء للأُمَّة في أول حدوث ملكها
للتعرف على براءة رحمها، والرمل في الأشواط الأول من الطواف؛
لإظهار الجلد والنشاط للمشركين.
واتفق العلماء على صحة التعليل بالعلَّة المتعدية، سواء كانت
منصوصة أو مستنبطة، ولا يمكن أن يختلفوَا فيها؛ لأن القياس لا يتم
إلا بعِلَّة تتعدى إلى الفرع لتكون سببا في إلحاقه بالأصل.
واتفق العلماء على صحة التعليل بالعلَّة القاصرة المنصوص عليها،
أو المجمع عليها؛ لأن المنصوصة ليستَ محل اجتهاد واختلاف.
أما العِلَّة القاصرة المستنبطة فقد اختلف العلماء في جواز التعليل بها
على مذهبين: