المبحث الثامن عشر إذا روي عن مجتهد في مسألة واحدة
روايتان مختلفتان وصح هذا النقل عنه
ففيه التفصيل الآتي:
أولاً: أنه لا يجوز أن يقول كل واحدة منهما في وقت واحد وفي
حالة واحدة كما بينا ذلك في المبحث الثالث عشر.
ثانيا: إذا قال المجتهد هذين الحكمين المختلفين - في تلك المسألة
في حالتين فلا يخلو إما أن لا نعلم الرواية الأخيرة أو لا نعلم:
فإن لم نعلم الرواية الأخيرة من هذا المجتهد، بحيث جهلنا تقدم
إحداهما على الأخرى، فإنا ننظر في هاتين الروايتين: فإن كانت
إحداهما أشبه من الأخرى بأصول ذلك المجتهد، فإنا نجعلها مذهبا
له، وتكون الأخرى مشكوكاً فيها، ولا يعمل بالشك.
وإن علمنا الرواية الأخيرة: فقد اختلف العلماء في ذلك على
مذهبين:
المذهب الأول: أن الرواية الأخيرة عن هذا المجتهد هي مذهبه في
المسألة، وتكون الرواية الأولى قد رجع عنها، فلا تضاف إليه.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لأن الرواية الأولى
كالمنسوخ، والرواية الثانية كالناسخ، فكما أن الصحابة يتركون
الحكم المنسوخ إذا جاء بعده ما ينسخه ويعملوا بالناسخ، فكذلك هنا