[المطلب الثاني القياس في المقدرات]
المراد من ذلك: أن يرد من الشارع تقدير بعدد في موضع يمكن
إدراك المعنى الذي تعلق به هذا المقدار، ويوجد هذا المعنى في موقع
آخر، فهل يتعلق به ذلك التقدير كما تعلق في الموضع الأول؛
مثال ذلك: تقدير نصاب السرقة بثلاثة دراهم، وتقدير مدة
القصر للمسافر بأربعة أيام، وتقدير الحد في حد الزنى بمائة،
وتقدير التسبيح بمائة، فهل يجوز القياس على ذلك؟
لقد اختلف العلماء - في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنه يجوز إثبات المقدرات بالقياس.
وهو مذهب الباقلاني، والباجي، وأبي إسحاق الشيرازي،
وإمام الحرمين، وأبي يعلى، وأبي الخطاب، وفخر الدين الرازي،
وتاج الدين ابن السبكي، وهو الحق، لما يلي من الأدلة:
الدليل الأول: عموم أدلة حجية القياس للأحكام المقدرة، وغير
المقدرة، فتكون الأحكام المقدرة فرداً من أفراد ذلك العموم..
الدليل الثاني: أن خبر الواحد تثبت به المقدرات، فكذلك تثبت
بالقياس بجامع: أن كلًّا منهما ظنيا.
الدليل الثالث: أن المقتضي للتعدية قد وجد في المقدرات، فينبغي
أن يوجد القياس كسائر الأحكام.