الواحد يجوز عليه الخطأ، ومع ذلك يثبت به الحد، والشهود يجوز
عليهم الكذب والخطأ، ومع ذلك تقبل شهادتهم في الحدود،
وكذلك يقبل تقويم المقوم في نصاب السرقة مع جواز الخطأ عليه،
فإذا لم يكن الظن في هذه الأدلة مثيرة للشبهة، فكذلك القياس
الظني لا يثير الشبهة، فيقبل القياس في الحدود والكفارات.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا معنوي؛ حيث أثر في بعض الفروع الفقهية، ومنها:
١ - أن من أفطر متعمداً من غير عذر بأكل أو شرب، فعليه
كفارة من جامع في نهار رمضان، وهو قول أصحاب المذهب
الأول، ودليلهم: قياس الآكل والشارب عمداً على المجامع في نهار
رمضان بجامع: أن كلًّا منهما قد انتهك حرمة رمضان بقصد منه.
وذهب بعض العلماء - وهو المذهب الثاني - إلى أنه لا كفارة
عليه، ودليلهم على ذلك: حديث الأعرابي الذي قال للنبي
- صلى الله عليه وسلم -:
إني واقعت أهلي في نهار رمضان، قال: " اعتق رقبة "، فإنه ورد
في الجماع في نهار رمضان، ولا يُعدَّى الحكم إلى كل إفطار، وهو
ما عليه كثير من العلماء.
٢ - النباش - وهو من ينبش القبر فيأخذ ما في الأكفان - تقطع
يده؛ قياساً على السارق بجامع أخذ مال غيره من حرزه، وهو قول
أصحاب المذهب الأول.
وذهب أصحاب المذهب الثاني إلى أنه لا تقطع يد النباش؛ لعدم
وجود دليل على ذلك، ولا يصح القياس في الحدود عند أصحاب
هذا المذهب.
تنبيه: لقد بحثت إثبات العقوبات بالقياس في مصنف مستقلِ
فراجعه - إن شئت - فهو مطبوع متداول.