[المبحث الثاني في إطلاق الحكم الشرعي بين الأصوليين والفقهاء]
لقد اختلف في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن الحكم الشرعي هو: خطاب اللَّه - تعالى -
المتعلق بفعل المكلف اقتضاء أو تخييراً أو وضعاً.
وهذا مذهب الأصوليين - كما سبق بيانه -.
والأصوليون وإن اختلفوا في تعريفاتهم، فإنهم يجتمعون على
شيء واحد وهو: كون الحكم عَلَماً على نفس خطاب الشارع الذي
يطلب من المكلف فعل شيء، أو كفه عنه، أو يخيره بينهما،
ويجعل الشيء سبباً، أو شرطاً، أو مانعاً، أو صحة، أو فاسداً،
ونحو ذلك مما يدخل تحت خطاب الوضع.
فالإيجاب هو نفس قوله: " افعل " مثل قوله تعالى:
(أقم الصلاة لدلوك الشمس) ، والتحريم هو نفس قوله: " لا تفعل "
مثل قوله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم اللَّه إلا بالحق) .
فالأصوليون نظروا إلى ذات الحكم، وهو خطاب الشرع
بالتحريم، أو الإيجاب، أو الندب، أو الكراهة، أو الإباحة.
المذهب الثاني: أن الحكم الشرعي هو: ما ثبت بالخطاب
الشرعي، أي: أثره المترتب عليه، لا نفس النص الشرعي، وهو
مذهب الفقهاء.