المطلب الثاني عشر حكم تعليل الحكم بأكثر من عِلَّة " تعدد العِلَل "
اتفق العلماء على جواز تعليل الحكم الواحد نوعاً المختلف شخصا
بعلل مختلفة، كان تعلل إباحة قتل شخص بكونه مرتداً، وتعلل
إباحة قتل شخص آخر بكونه قاتلاً، وتعلل إباحة قتل شخص ثالث
بكونه زانيا محصنا.
واختلف العلماء في تعليل الحكم الواحد في صورة واحدة بعلتين
مختلفتين، أو أكثر من ذلك مثل: تعليل حرمة وطء امرأة؛ بكونها
معتدة، وكونها حائضا، وتعليل وجوب القتل على مكلف بكونه
زانيا وهو محصن، وبكونه قاتلاً، وبكونه مرتداً، فهل يجوز
ذلك؟
اختلف في ذلك على مذاهب:
المذهب الأول: أنه يجوز تعليل الحكم الواحد بعلتين فأكثر مطلقا.
وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لدليلين:
الدليل الأول: أن العلَّة هي: الوصف المعرف للحكم - كما
قلنا في تعريف العِلَّة - ولَا مانع من اجتماع المعرفات والأمارات على
شيء واحد، ولذلك قالوا: إن من لمس وبال، فإنه ينتقض وضوؤه
بهما.
الدليل الثاني: الاستقراء والتتبع دلَّ على جواز ذلك؛ حيث إنه
بعد الاستقراء والتتبع للأحكام وأسبابها وجدنا إنه يمكن جدا أن يصدر
من شخص واحد في ساعة واحدة سببان يوجدان معا يوجبان قتله.