للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المطلب الخامس إذا ورد النهي بعد الأمر فماذا يقتضي؟]

لقد سبق في مبحث الأمر أن قلنا: إن الأمر إذا ورد بعد النهي فقد

اختلف فيه هل يقتضي الإباحة أو يقتضي الوجوب.

ولكن هنا عكس المسألة السابقة، والكلام عنها يحتاج إلى تفصيل

هوكما يلي:

القائلون بأن صيغة الأمر بعد النهي للوجوب اتفقوا على أن النهي

بعد الأمر للتحريم؛ لأن النهي يقتضي التحريم كما سبق بيانه،

فوروده بعد الأمر لا يمنعه من إفادته للتحريم، فيجب العمل بالمقتضي

السالم عن المعارض، فتكون صيغة النهي الواردة بعد الأمر للتحريم

كما لو وردت ابتداء.

أما القائلون: إن صيغة الأمر الواردة بعد النهي للإباحة، فهم

الذين اختلفوا في هذه المسألة وهي: " ماذا تقتضى صيغة النهى بعد

الأمر؛ " على مذهبين:

المذهب الأول: أن صيغة النهي الواردة بعد الأمر تقتضي التحريم.

وهذا هو الحق، وهذا خلاف ما قلناه سابقاً في مسألة: " الأمر

الوارد بعد النهي "، فقد قلنا هناك: إن الأمر الوارد بعد النهي

يقتضي الإباحة، وهنا قلنا: إن النهي الوارد بعد الأمر يقتضي

التحريم، وذلك لوجود الفرق بينهما من وجوه:

الوجه الأول: أن دلالة النهي على التحريم أقوى من دلالة الأمر