للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المبحث الثامن هل القياس من الدين؟]

لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: - أن القياس دين، أي: يسمى دينا.

وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لدليلين:

الدليل الأول: قوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) .

وجه الدلالة: أن اللَّه تعالى قد أمرنا بالقياس، وإذا أمرنا به،

فإنا نكون متعبدين به، وإذا ثبت: أن اللَّه تعالى قد تعبدنا به، فإنه

يكون من الدين.

الدليل الثاني: أن من نزلت به حادثة، وكان فيها مجتهداً لنفسه،

وضاق عليه الوقت: وجب عليه أن يقيس وينظر، وإذا لم يضق

عليه الوقت استحب له ذلك ليعد الجواب لوقت الحاجة، والواجب

والمستحب من الدين، فيصح بذلك أن يسمى القياس دينا.

المذهب الثاني: أن القياس لا يُسمى دينا، وليس منه.

وهو مذهب أبي الهذيل العلاف.

دليل هذا المذهب:

أن القياس لا يطلق عليه اسم الدين؛ لأن اسم الدين يقع على ما

هو ثابت مستمر، وكيف يسمى دينا، وهو فعل القائس.

أي: أن القياس من فعل المكلف، وهو القائس، ولا يصح أن يكون

الدين من فعل المكلف؛ إذ لو كان فعلاً للمكلف لم يعرف به الحكم.

جوابه:

نسلم أن القياس من فعل المكلف، ولكن اشترط أن يكون هذا