للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب العاشر الأمر المطلق هل يقتضي فعل المأمور به

مرة واحدة أو التكرار؟

إذا كان الأمر مقيداً بمرة واحدة مثل قولك: " اعط زيداً درهما مرة

واحدة " أو مقيداً بمرات كقولك: " اعط زيداً درهما ثلاث مرات "

فإن الأمر في هاتين الحالتين يكون مقيداً لما قيد به من المرة أو المرات،

وهذا بالاتفاق.

أما إذا وردت صيغة الأمر وهي: " افعل " مطلقة، أي: مجردة

عن القرائن، فهل تقتضي فعل المأمور به مرة واحدة، أو أنها تقتضي

التكرار؟

اختلف في ذلك على مذاهب:

المذهب الأول: أن الأمر المطلق لا يقتضي التكرار، أي: لا

يقتضي إلا فعل المأمور به مرة واحدة - فقط -، فلو قال السيد

لعبده: " صم "، فإنه يخرج عن العهدة وتبرأ ذمته بصوم يوم واحد

فقط.

وهو مذهب أكثر الحنفية والظاهرية، ورواية عن الإمام أحمد،

وهو اختيار كثير من الحنابلة كأبي الخطاب، وابن قدامة، ونُسب إلى

اكثر العلماء والمتكلمين، وهو الحق عندي للأدلة التالية:

الدليل الأول: أن قول القائل لغيره: " ادخل الدار " معناه: كن

داخلاً، وبدخلة واحدة يوصف بأنه داخل، فكان ممتثلاً، وكان

الأمر عنه ساقطاً.