المبحث الثالث
أسباب الترادف
السبب الأول: أن يصدر اللفظان المترادفان من واضعين، فيضع
أحدهما لفظا لمعنى ويشتهر في قبيلة ذلك الواضع، ثم يضع
الشخص الآخر لفظا آخر لذلك المعنى، ويشتهر ذلك في قبيلته، ثم
اشتهر اللفظان ولم يتميزا، ولم يعين أي واضع، وهذا هو السبب
الأكثري، كما ذكر فخر الدين الرازي.
السبب الثاني: أن يكون اللفظان المترادفان قد صدرا من واضع
واحد، ويكون الهدف والقصد والغرض من وضعه للفظين لمعنى
واحد فائدتين هما:
الفائدة الأولى: تكثير وسائل الإخبار عما فى النفس، وتكثير
الطرق إلى المطالب، فإن للمتكلم - حينئذٍ - استعمال أي لفظ
شاء، وإذا عسر عليه النطق بأحد اللفظين فإنه يعبر عن المعنى المراد
بلفظ آخر، فمثلاً يعبر من لا يستطيع النطق بالراء بالقمح بدلا عن
البر، كذلك إذا كان المعنى معروفا لديه، ولكن نسي اللفظة المعبرة
عنه، فإنه يأتي بلفظة مرادفة لها.
الفائدة الثانية: التوسع في مجال النظم - وهو: الكلام الموزون
على أوزان العروض -، والنثر - وهو: الكلام غير الموزون -
والقافية - وهي: آخر كلمة في بيت الشعر - والتجنيس - وهو:
اتفاق اللفظين من وجه من الوجوه، ويختلف معناهما -: مثل: لو
قلت: " اشتريت البر وأنفقته في البر "، فإنه أحسن من قولك:
" اشتريت القمح وأنفقته في البر " لفوات المجانسة، والحرص على
القلب مثل قوله تعالى: " وربك فكبر "، - فلو قيل: " الله فكبر "
لذهب القلب، وهكذا سائر أصناف البديع.