للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المطلب الثالث هل للأمر صيغة موضوعة في اللغة؟]

لقد اختلف في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أن للأمر صيغة موضوعة لغة له، وتدل عليه

حقيقة بدون قرينة كدلالة سائر الألفاظ الحقيقية على موضوعاتها

ومعانيها، وهي صيغة فعل الأمر: " افعل " مثل: " اكتب ".

والمضارع المجزوم بلام الأمر وهي: " ليفعل " كقوله تعالى:

(فليحذر الذي يخالفون عن أمره) .

واسم فعل الأمر مثل قوله تعالى: (عليكم أنفسكم) .

والمصدر النائب عن فعله كقوله تعالى: (فضرب الرقاب) .

وإنما تخصص صيغة " افعل " بالذكر؛ نظراً لكثرة دورانها في

الكلام.

وهذا المذهب هو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ للأدلة

التالية:

الدليل الأول: أن العرب قد وضعوا لما لا يحتاج إليه أسماء

كالأسد، والهر، والسيف، والخمر، فمن باب أوْلى أن يضعوا

صيغة للأمر تدلْ عليه؛ وذلك لأن الحاجة داعية إلى معرفة الأمر،

لكثرة مخاطبات الناس به، فلا يمكن أن يتخاطبوا بغير صيغة، فدل

هذا على أنهم وضعوا له صيغة وهو: " افعل ".