أما الحالة الثانية - وهي: كونهما فاسدين - فلا تصح - أيضا -؛
لأن القولين إذا كانا فاسدين، فإن القول بهما يكون حراما.
أما الحالة الثالثة - وهي: كون أحدهما صحيحا والآخر فاسدا -
فلا تصح - أيضا -؛ لأنه لا يخلو إما أن يكون عالما بفساد القول
الفاسد، وإما أن يكون غير عالم بذلك.
أما الأول - وهو: كون المجتهد عالم بفساد الفاسد - فهذا لا
يصح ولا يمكن؛ لأنه يبعد أن يقول مجتهد بقول فاسد يحرم على
الأمة العمل به، فهذا تلبيس وتدليس لا يمكن أن يقوله مجتهد من
مجتهدي أمة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
وأما الثاني - وهو: كونه غير عالم بفساد الفاسد - فهذا قد اشتبه
عليه الفاسد من غير الفاسد، ومثل هذا لا يكون مجتهداً في المسألة؛
حيث لم يعلم بحكم تلك المسألة، فلا يقبل منه شيء، فخرج
- بهذا - عن المجتهدين.
وإذا ثبت بطلان الحالات الثلاث فإنه يبطل قول المجتهد في حادثة
واحدة بقولين في وقت واحد.
المذهب الثاني: أنه يجوز أن يقول المجتهد في المسألة الواحدة
قولين متضادين في وقت واحد.
وهو محكي عن الشافعي، وبعض العلماء.
دليل هذا المذهب:
الدليل الأول: قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"إن وليتم أبا بكر وليتم ضعيفا في بدنه قويا في أمر اللَّه تعالى،
وإن وليتم عمر وليتم قويا في بدنه قويا في أمر اللَّه تعالى ".