بل يكون الحكم المتأخر علَّة للحكم المتقدم؛ لأنا نقصد بالعلَّة
المعرف؛ لأن المعرف يجوز أَن يكون متأخراً عن المعرف.
الدليل الثاني: أن الشارع إذا أثبت حكمين في صورة واحدة معا،
فليس أحدهما يتميز عن الآخر في الوجود والافتقار، والمعلومية،
وعلى ذلك فليس جعل أحدهما عِلَّة للآخر أوْلى من العكس،
وحينئذ:
١ - إما أن لا يكون أحدهما عِلَّة للآخر، وهذا مطلوبنا.
٢ - أو أن يجعل كل واحد منهما عِلَّة للآخر، فيلزم الدور.
جوابه:
يجاب عنه بجوابين:
الجواب الأول: لا نُسَلِّمُ قولكم: " إنه لا مزية لأحدهما على
الآخر "، بل قد توجد مزية من حيث إنه يجوز أن يكون أحد
الحكمين مناسبا للآخر من غير عكس، أو يجوز أن يكون أحدهما
أكثر مناسبة من الآخر، فيكون المناسب، أو الأكثر مناسبة هو
العلة.
اَلجواب الثاني: لا نُسَلِّمُ أنه يلزم الدور إذا جعلنا كل واحد منهما
علَّة، وذلك لأن العلَّة هي المعرف، ولا مانع من أن يكون كل واحد
مَن الشيئين معرفا للآخر.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف معنوي؛ حيث إن أصحاب المذهب الثاني لا يجيزون
التعليل بالحكم الشرعي في الأمثلة السابقة، وكذلك مثل: قياس
زكاة مال اليتيم بزكاة غيره في أنه مالك تام الملك، وقياس الرقبة
الواجبة في الظهار على الرقبة الواجبة في القتل، وجعل الإيمان
شرطاً فيهما باعتبار أن كل واحدة منهما كفارة.