تفسير الجلي والخفي من الأوصاف عند الحنفية:
المراد بالوصف الجلي عندهم: ما لا يحتاج إلى النظر الكثير
كتعليل طهارة سؤر الهرة بكثرة التطواف وصعوبة التحرز منها المنبه
عليه في قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"إنها ليست بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات ".
والمراد بالوصف الخفي عندهم: ما يحتاج إلى نظر كثير ودقة تأمل
كالعلل التي يتطرق إليها الاحتمال كتعليل تحريم ربا الفضل في البر
بالطعم، أو الاقتيات، وتعليل عررم الربا في الذهب والفضة
بالثمنية، ونحو ذلك.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا لفظي؛ حيث إن أصحاب المذهب الأول إنما اشترطوا
أن يكون الوصف ظاهراً بنفسه أو بغيره، وهذا موافق لما أراده أكثر
الحنفية؛ حيث بيَّنوا: إن الوصف الخفي يكتسب الظهور مما يقوم
مقامه، فمثلاً الرضا بين المتعاقدين وإن كان خفيا، إلا أن دلالة صيغة
العقد الظاهرة عليه جعلته من الأوصاف الظاهرة التي يجوز التعليل
بها، وعليه: فإن كل وصف يمكن الوقوف عليه بدليل يزيل خفاءه
يصح نصبه أمارة وعِلَّة ما دام المقصود حاصلاً به، وهو التعريف
بالحكم.
فهذا الكلام منهم يدل على أن الوصف الظاهر هو الذي يعلل به،
أما ما خفي فلا يعلم إلا بواسطة الوصف الظاهر، وهو موافق لما
قلناه.