(وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ) ، والمقصود شأن فرعون وفعله، فوجدنا العرب
يصرفون اللفظ ويشتقون منه فيقولون: أمر، يأمر، أمراً، فهو
مأمور، وهو آمر، في حين أنهم لا يقولون ذلك في الأمر بمعنى
الفعل، فلا يقولون فيه: أمر يأمر، أي: أن إطلاق الأمر على
الفعل لا يشتق لمن قام به منه اسم الآمر، فدل ذلك على أن الأول
حقيقة، والثاني مجاز.
الطريق الرابع: صحة النفي في المجاز، بيانه:
أنه يصح النفي في المجاز، فيصح أن يقال لمن سُمِّي من الناس
حماراً لبلادته: إنه ليس بحمار، ولكن لا يصح أن يقال: إنه ليس
بإنسان في نفس الأمر؛ لأنه حقيقة فيه.
الطريق الخامس: عدم الاطراد، بيانه:
أن لا يكون اللفظ مطرداً في مدلوله مع عدم ورود المنع من أهل
اللغة والشارع من الاطراد، وذلك كتسمية الرجل الطويل نخلة،
فهذا مجاز؛ لأنه لا يطرد، ولهذا لا يُسمَّى كل طويل من شجرة أو
رمح وغير ذلك نخلة.
الطريق السادس: إطلاق اللفظ على المستحيل، بيانه:
أنه إذا أطلق على اللفظ بما يسحيل تعليقه به علم أنها في أصل
اللغة غير موضوعة له أصلاً، فيعلم أنه مجاز فيه مثل قوله تعالى:
(وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ) فإن السؤال بالنسبة إلى القرية مستحيل عادة.