، فلفظ " من " مترددة بين أن تكون لابتداء الغاية، فيكون
معناها: ابتدئوا المسح من الصعيد، وبين أن تكون للتبعيض فيكون
المعنى: امسحوا وجوهكم ببعض الصعيد.
وكذلك " الواو " في قوله تعالى: (والراسخون في العلم يقولون) مترددة بين أن تكون عاطفة، فيكون الراسخون في العلم
يعلمون تأويل الآيات على حسب علمهم، وبين أن تكون للابتداء،
فيكون اللَّه عزَّ وجَلَّ هو المتفرد بعلم التأويل، وقد فصلت ذلك في
موضوع " المحكم والمتشابه من القرآن الكريم " فارجع إليه.
السبب الرابع: التصريف في اللفظ، والتصريف هو العلم الذي
تُعرف به أحوال أبنية الكلام مثل لفظ " المختار "، فإن هذا اللفظ
متردد بين من وقع عليه الاختيار وبين من وقع منه الاختيار، أي:
أنك إذا سمعت عبارة " زيد المختار "، فلا تدري هل زيد هو الذي
اختار فيكون فاعلاً، أو زيد هو الذي أختير فيكون مفعولاً به.
السبب الخامس: التردد في مرجع وعود الضمير مثل ما روي عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره "
فإن الضمير في عبارة: " جداره " يحتمل أن يعود إلى الغارز فيكون
المعنى: لا يمنعه جاره أن يفعل ذلك في جدار نفسه، ويحتمل أن
يعود الضمير إلى الجار الآخر فيكون المعنى: لا يمنعه جاره أن يغرز
خشبة في جدار ذلك الجار، وهو ما رجحه أكثر العلماء لقول أبي
هريرة: " ما لي أراكم عنها معرضين والله لأرمين بها بين أظهركم "
ولو كان الضمير عائداً إلى الغارز نفسه لما ذكر ذلك.
السبب السادس: التخصيص بالمجهول، مثل إذا قيل: " اقتلوا
المشركين إلا بعضهم "، وذلك لأن العام إذا خص بمجهول يصير
الباقي محتملاً، فكان مجملاً.