(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) ، وقوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم) ، فإنا
لم نجعل ذلك عاما، بل إن المحرم في الآية الأولى: الأكل فقط،
والمحرم في الآية الثانية: الوطء فقط، وهذا أخذناه من عرف
الاستعمال - كما سبق - مع أنه لا بد من إضمار فعل في الآيتين،
فكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان "
لا بد من إضمار حكم يضاف الرفع إليه كالفعل، ثم ينزل على ما يقتضيه
عرف الاستعمال قبل الشرع وهو: المؤاخذة والعقاب.
اعتراض على ذلك:
قال معترض: إن المرفوع - كما أقررتم - هو حكم خاص وهو:
الإثم والعقاب، فيلزم على هذا رفع دخول ضمان المتلفات فليرتفع؛
لأنه يُعتبر من جملة المؤاخذات والعقوبات.
جوابه:
يمكن أن يجاب عن ذلك بجوابين:
الجواب الأول: إنا لا نُسَلِّمُ أن الضمان من حيث هو ضمان
عقوبة، ولهذا يجب في مال الصبي والمجنون، وهما ليسا أهلاً
للعقوبة، وكذلك يجب الضمان على المضطر في المخمصة إذا ممل
مال غيره، مع أن الأكل واجب عليه حفظا لنفسه، والواجب لا
عقوبة على فعله، وكذلك يجب الضمان على من رمى إلى صف
الكفار فأصاب مسلما مع أنه مأمور بالرمي، وهو مثاب عليه.
الجواب الثاني: نسلم لكم أن الضمان عقاب، لكن عموم اللفظ
قد خصص بعرف الاستعمال على نفي عقاب خاص وهو: نفي
الإثم وعقاب الآخرة، وذلك أقرب الى الصواب من القول
بالعموم.