غير داخلين في ذوي القربى، فلما سئل عن ذلك قال: " أنا وبنو
المطلب لم نفترق في جاهلية ولا إسلام، ولم نزل هكذا "، وشبك
بين أصابعه.
فثبت أن قوله: " ولذي القربى " لم يبين إلا عند وقت الحاجة،
فدل على جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب إلى وقت الحاجة.
الموضع السابع: قوله تعالى - لنوح عليه السلام -:
(احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ) ، ففهم
نوح - عليه السلام - أن ابنه من أهله، لكن لما أدرك ابن نوح الغرق
ورآه نوح - عليه السلام - خاطب ربه قائلاً: (إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق) ، فبيََّن اللَّه تعالى أنه عمل غير صالح، فهنا لم يبين الشارع ذلك وقت الخطاب، بل أخَّره إلى وقت الحاجة.
الموضع الثامن: قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) ، ثم خصَّص ذلك بعده بقوله: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) .
الموضع التاسع: قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) ، ثم ورد
تخصيصه بقوله عليه السلام: " أحل لنا ميتتان ودمان ".
والأمثلة على وقوع تأخير البيان من وقت الخطاب إلى وقت الحاجة
في الشريعة كثيرة جداً تكاد لا تحصى، ولا سبيل إلى إنكاره، وإن
اعترض بعضهم على بعض الأمثلة والاستشهادات؛ نظراً لتطرق
الاحتمال إليه بتقدير اقتران البيان به، فإنه لا يمكن أن يتطرق ذلك
إلى جميع الأمثلة، وبالتالي لا يمكن إنكارها كلها،؛ من ادعى ذلك
فهو معاند ومكابر، والمعاند والمكابر لا يعتد بقوله.
الدليل الثالث: القياس على النسخ، بيان ذلك: