جوابه:
نسلم لكم أن الأمر يقتضي الفور، ولكن توجد قرينة صرفته من
إفادته للفور إلى كونه مفيداً للتراخي، وهي: العقل؛ حيث إن
العقل دلَّ على جواز تأخير تبليغ الأحكام إلى وقت الحاجة؛ حيث
لا يترتب على فرض جواز تأخيره ولا وقوعه محال؛ لأن كل ما في
الأمر هو: جهل المكلََّف بما كُلِّف به مدة من الزمن، وهذا ليس
بمحال، ولا يؤدي إلى المحال، فهو جائز.
المذهب الثالث: لا يجوز تأخير تبليغ القرآن، أما السُّنَّة فيجوز
تأخير تبليغها، وهو مذهب فخر الدين الرازي، والآمدي.
دليل هذا المذهب:
إن القرآن هو الذي يطلق عليه القول بأنه منزل على الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
جوابه:
أنا لا نسلِّم التفريق بين القرآن والسُّنَّة؛ لأن كلًّا من القرآن
والسُّنَّة يطلق عليهما بأنهما منزلان، وعلى هذا فإذا كان القرآن يجب
تبليغه فوراً، فكذلك بقية الأحكام الواردة في السُّنَّة؛ إذ لا فرق.
وإذا وجب التبليغ لي جميع الأحكام فوراً، فإن هذا يكون إذا ورد
الأمر مطلقاً، ولكن العقل هو الذي قيده؛ حيث دلَّ العقل على
جواز تأخير التبليغ - كما قلنا سابقاً -.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف لفظي؛ لأن الخلاف في هذه المسألة راجع إلى الخلاف في
المسألة السابقة: فمن أجاز هناك تأخير البيان عن وقت الخطاب،
أجاز هنا، ومن منع: منع هنا.