استعملوه فيما يمتنع فيه الترتيب وجب أن يكون حقيقة في غير
الترتيب؛ لأنها الأصل في الإطلاق، وإذا كان حقيقة في غير الترتيب:
وجب أن لا يكون حقيقة في الترتيب؛ دفعا للاشتراك.
الدليل الثاني: قوله عليه الصلاة والسلام: " لا تقولوا ما شاء
الله وشاء فلان قولوا: ما شاء اللَّه ثم شاء فلان "، فلو كانت الواو
للترتيب لما نهاه عن العطف بها، وأمرهم أن يأتوا بلفظ " ثم "،
وهذا بدل على أن الواو لمطلق الجمع.
الدليل الثالث: الاستقراء دلَّ على أن الواو لمطلق الجمع، بيانه:
أنه بعد الاستقراء وتتبع كلام العرب والقرآن والسُّنَّة وجدنا أنها لا
تأتي للمعية، ولا للترتيب، من ذلك قوله تعالى:
(وادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة) ، وقوله:
(وقولوا حطة وادخلوا الباب سجداً) ، فإن هاتين الآيتين وردتا في سورة واحدة وفي قصة واحدة فلو كانت الواو للترتيب لوقع تناقض بين الآيتين؛ لما فيه من جعل المتقدم متأخراً، والمتأخر متقدما.
الدليل الرابع: أنه احتج المبرد بقول حسان بن ثابت:
وما زال في الإسلام من آل هاشم ... دعائم عز لا ترام ومفخر
بها ليل منهم جعفر وابن أمه ... . علي ومنهم أحمد المتخير
فلو كانت الواو للترتيب لما قدم جعفر وعليا على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
الدليل الخامس: قوله تعالى: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)