للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الآمر نفسه في مرتبة أعلى رتبة من غيره، وإن لم يكن ذلك حاصلاً

باعتبار الواقع.

وهو مذهب بعض الشافعية كالآمدي، والرازي، وبعض المالكية

كابن الحاجب، والباجي، والقرافي، وبعض الحنابلة كأبي الخطاب،

وابن قدامة، وبعض الحنفية كصدر الشريعة، وابن عبد الشكور.

وهو الحق؛ لدليلين:

أولهما: أن الرجل العظيم لو قال لغيره: " افعل " لا على سبيل

الاستعلاء، بل على سبيل التضرع واللين، فإنه لا يقال: إنه أمر،

ولذلك نفى النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمر حينما قال لبريرة: " ارجعي إلى زوجك.. " فقالت: أتامرني يا رسول اللَّه؟

قال: " لا، إنما أنا شافع "

فهنا لم يكن ذلك القول أمراً؛ لأنه صدر لا على سبيل الاستعلاء.

ثانيهما: أنه لو قال من هو أدنى رتبة لمن هو أعلى رتبة منه:

"افعل " بصفة المستعلي، فانه يقال: " إنه أمره "، ولذلك يوصف

هذا المستعلي بالجهل والحمق بسبب أمره، لمن هو أعلى منه.

وهناك من اشترط في الأمر العلو - وهو: كون الأمر في نفسه

أعلى رتبة ودرجة من المأمور، لذلك عرف الأمر بأنه: قول القائل

لمن هو دونه: افعل.

وهناك من لم يشترطهما - أي: لم يشترط في الأمر الاستعلاء

ولا العلو - لذلك عرف الأمر بأنه: القول الطالب للفعل مطلقا.

وهناك من اشترطهما مع) ، وقد فصلت ذلك في كتابي " إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر ".