لا نسلم أن غير النص والإجماع لا يصلح أن يكون قرينة تصرف
الأمر من الوجوب إلى غيره، بل كل قرينة معتبرة شرعا تصلح أن
تكون صارفة كما صلحت أن تكون دليلاً إلى حكم شرعي يعمل،
ولا فرق، فإن منعتم أن تكون أية قرينة صارفة فامنعوا أن تكون
دليلاً، وهذا يلزم منه: ترك أكثر أدلة الشريعة، وهذا إبطال لها،
وهذا لا يجوز.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا معنوي، حيث أثر في بعض الفروع الفقهية، ومنها:
١ - مكاتبة العبد الرقيق.
فذهب الجمهور إلى أن مكاتبة الرقيق المسلم الذي فيه خير
للإسلام مندوب إليها؛ والأمر الوارد في قوله تعالى:
(فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيراً) مصروف من الوجوب إلى الندب؛
لإقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض الصحابة، حيث إنهم لم يعتقوا عبيدهم مع أن فيهم خيراً للإسلام والمسلمين، ولأنه يترتب على ذلك تعطيل الملك وتحكم المماليك في المالكين.
أما أصحاب المذهب الثاني - وهم الظاهرية - فقالوا: إن المكاتبة
واجبة، وعلى السلطان أن يجبر المالكين على المكاتبة؛ لأن الأمر
الذي في الآية السابقة للوجوب، ولا يوجد صارف من النص، أو
الإجماع له.
٢ - وليمة العرس هل هي واجبة؟
فأصحاب المذهب الأول يقولون: إن وليمة العرس ليست واجبة