ما وضع له، وكذلك حقوق اللَّه تعالى يتوجه إليه الخطاب بها،
وكثير منها لا يملك فعله - كما سبق بيانه - ومع ذلك لا يمنع دخوله
تحت تلك الخطابات.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف معنوي؛ وذلك لأن أصحاب المذهب الأول قصدوا: أن
العبد يدخل ضمن الخطابات الموجهة إلى الأحرار كالناس، والأُمَّة،
والمسلمين، والمؤمنين دخولاً أصلياً، ولا يخرج عن ذلك الخطاب إلا
بدليل، وهي الأسباب التي ذكرناها سابقاً.
أما أصحاب المذهب الثاني فإنهم قصدوا: أن العبد لا يدخل
ضمن تلك الخطابات أصلاً، وما دخل فيها فإنه دخل بدليل مثل
القياس.
أما أصحاب المذهب الثالث فهم وافقوا أصحاب المذهب الأول
بالنسبة لحقوق اللَّه تعالى، ووافقوا أصحاب المذهب الثاني بالنسبة
لحقوق الآدميين.
ويلزم من ذلك: بناء على المذهب الأول أنه تجب على العبد صلاة
الجمعة إذا أذن له سيده في حضورها؛ لأن المانع كان من جهة السيد
وقد انتفى.
وكذلك يلزم منه بناء على المذهب الأول: أنه يجب عليه الحج إذا
أذن له سيده في دخول الحرم.
أما على المذهب الثاني فإنه يلزم منه: أنه لا تجب عليه صلاة
الجمعة، ولا الحج، ولو أذن له سيده؛ لأنه أصلاً لم يدخل تحت
التكاليف إلا بدليل خارجي.