أن اللفظ العام راجح؛ حيث إنه قد وجد وأثبت الحكم بلا شك
فهو معلوم قطعاً، واحتمال وجود المخصص مرجوح؛ حيث إنه
مجرد احتمال لا دليل عليه قد يثبت وقد لا يثبت، فكوننا نترك دليلاً
قد ثبت - وهو اللفظ العام - من أجل احتمال وجود مخصّص هذا
ترجيح المرجوح على الراجح، وهذا ممتنع عقلاً.
الدليل الثاني: أن الأصل عدم المخصص، وذلك يوجب ظن
عدم المخصص، وهو يكفي في ظن إثبات الحكم باللفظ العام.
الدليل الثالث: أن احتمال وجود الشيء لا يترك به الشيء الثابت
بدليل عمل الصحابة - رضي اللَّه عنهم - في النسخ: فقد كان
الصحابة - رضوان اللَّه عليهم - يعتقدون بسبب كثرة ما نزل عليهم
من الناسخ والمنسوخ - أن كل حكم ينزل عليهم سينسخ فيما بعد،
ولكن هذا الاعتقاد لم يمنعهم من العمل بالحكم حال نزوله، فإذا
نزل ما ينسخه تركوا المنسوخ، وعملوا بالناسخ.
فكذلك هنا: يجب اعتقاد عموم اللفظ حال علمنا به، والعمل
على ذلك وإن كنا نْحتمل وجود مخصص له، فإن ثبت هذا
المخصِّص تركنا العام وعملنا بالمخصص، وإن لم يثبت مخصِّص
نستمر في العمل على العموم، وهذا فيه من الاحتياط ما يعلمه كل
فطن.
الدليل الرابع: القياس على أسماء الحقائق، بيانه:
أنه لو لم يجز التمسك بالعام إلا بعد البحث عن المخصص: لما
جاز التمسك باللفظ على حقيقته إلا بعد البحث هل يوجد ما يقتضي
صرفه عن المجاز أو لا؛ بجامع: احتمال الخطأ، لكن لا يجب
ذلك -، بل نحمل لفظ " الأسد " على الحقيقة، وهو: الحيوان