ثمنه "، فهذا تصرف قولي، فما دلَّ بعبارة نصه لا يصح شرعا إلا
بتقدير بيع سابق؛ إذ لا يجوز شرعاً عتق عبد الغير بدون ولاية أو
وكالة.
وبناء عليه: فإن صحة هذا التصرف شرعا تتوقف على ثبوت ملك
مريد العتق أو لا، والشيء الذي يتصور ناقلاً لملكية العبد إلى من
أراد عتقه - هنا - هو " البيع ".
فهذا هو المعنى الذي قصده مريد العتق، ولو لم ينطق به؛ لأنه
قد فهم من مضمون قوله بدليل ذكره للثمن، فصار تقدير الكلام:
" بع عبدك هذا عليّ بألف ريال - مثلاً - وكن وكيلاً عني في عتقه ".
فالمقتضى - هنا - هو " البيع "، وقدر مقدما ليستقيم ويصح
التصرف.
النوع الثالث: ما توقف عليه صحة الكلام عقلاً.
أي: ما وجب تقديره ضرورة لتصحيح الكلام من جهة العقل،
فيمتنع وجود الملفوظ عقلاً بدون ذلك المقتضى.
مثاله: قوله تعالى: (حرمت عليكم أمهاتكم) ، فإن العقل
يمنع من إضافة التحريم إلى ذات الأمهات، فوجب إضمار فعل
يتعلق به الحكم - وهو هنا التحريم -، فوجب إضمار " الوطء "،
نظراً إلى أن العقل يقتضيه، فيكون التقدير: " حرم عليكم وطء
أمهاتكم ".
مثال آخر: قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) ، فإن العقل
يمنع من إضافة الحكم إلى ذات الميتة، فوجب عقلاً إضمار فعل
يتعلق به التحريم، وهو هنا " الأكل ".