للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسألة الرابعة: هل للمقتضى عموم؟

إذا كان المقتضى عاما يشمل أفراداً كثيرين، ولم يقم دليل على

تعيين واحد منها، فهل يقدر ما يعم تلك الأفراد، أو يقدر واحد

منها؛ لقد اختلف في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أنه لا عموم له.

وهو مذهب الحنفية، وبعض الشافعية كالغزالي، والآمدي.

وهو الحق عندي؛ لأن ثبوت المقتضى كان للضرورة حتى إذا كان

الكلام مفيداً للحكم بدونه لم يصح إثباته لغة ولا شرعا.

وإذا كان للضرورة فإن الضرورة تقدر بقدرها، ولا حاجة لإثبات

العموم فيه ما دام الكلام مفيداً بدونه، ويبقى فيما وراء موضع

الضرورة - وهو استقامة الكلام - فلا يثبت فيه العموم؛ قياسا على

أكل الميتة، فإنه لما أبيح للضرورة قدر بقدرها، وهو سد الرمق

فقط، وما وراء ذلك من الحمل والتناول حتى الشبع: فلا يثبت حكم

الإباحة فيه.

المذهب الثاني: أن المقتضى له عموم..

وهو مذهب بعض الشافعية، ونسب إلى الإمام الشافعي، وعليه

كثير من العلماء.

أدلة هذا المذهب:

الدليل الأول: أن المقتضى بمنزلة المنصوص في ثبوت الحكم،

حتى كان الحكم الثابت به بمنزلة الثابت بالنص لا بالقياس، فكذلك

في إثبات صفة العموم فيه، فيجعل كالمنصوص، فيجوز فيه العموم

كما يجوز في النص.