القسم الثاني دلالة الإيماء
وهي دلالة اللفظ على لازم مقصود للمتكلم لا يتوقف عليه صدق
الكلام ولا صحته عقلاً، أو شرعا، في حين أن الحكم المقترن
بوصف لو لم يكن للتعليل لكان اقترانه به غير مقبول، ولا مستساغ.
فذكر الحكم مقروناً بوصف مناسب يفهم منه أن عِلَّة ذلك الحكم
هو ذلك الوصف.
مثل قوله تعالى: (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا)
فإن الحكم - وهو قطع يد السارق - رتبه الشارع على السرقة،
فالآية قد أومأت إلى عِلَّة قطع اليد، وهي: السرقة.
مثال آخر: قوله تعالى: (إن الأبرار لفي نعيم) فإنه إيماء إلى
أنهم ما صاروا في النعيم إلا لعِلَّة وهي: برهم.
وكذلك قوله تعالى: (وإن الفجار لفي جحيم) فإنه إيماء إلى
أنهم ما صاروا في الجحيم إلا لفجورهم.
وكقولك: " أكرم العلماء وأهن الفساق " فيه إيماء إلى أن إكرام
العلماء لعلة وهي: العلم، وأن إهانة الفساق لعلة وهي: الفسق،
ويقاس على ذلك كل ما خرج مخرج المدح والذم.
تنبيه: هذا القسم قد سماه بعضهم: دلالة الإيماء، وسماه بعض آخر
بالتنبيه، وبعضهم سماه بفحوى الكلام، وبعضهم سماه بلحن الكلام.
تنبيه آخر: دلالة الإيماء يتنوع إلى ستة أنواع، وهو من مسالك العلَّة
الاجتهادية، وسيأتي الكلام عنها في باب القياس بالتفصيل إن شاء اللَّه.