للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: "إنما الربا في النسيئة "

يدل على الحصر، وإثبات الحكم، ونفيه عما عداه أو لا؟

لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:

المذهب الأول: أن " إنما " يدل على الحصر، وإثبات المذكور،

ونفي ما عداه، وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لدليلين:

الدليل الأول: أن لفظة " إنما " مركبة من جزئين هما: " إن "

المشددة، و " ما ".

و" إنَّ " للإثبات مثل: " إن زيداً ناجح ".

و" ما " للنفي مثل: " ما زيد بناجح ".

وإذا كانت " إن " للإثبات، و " ما " للنفي حال انفرادهما،

فيجب استصحاب ذلك وإبقاء ما كان على ما كان في حال

اجتماعهما في التركيب، إذن لفظ " إنما " موضوع للأمرين:

للإثبات، والحصر، ونفي ما عدا المذكور.

أي: أن لفظ " إنما " يفيد الإثبات إذا نظرنا إلى " إنَّ "، ويفيد

الحصر ونفي ما عدا المذكور إذا نظرنا إلى " ما ".

الدليل الثاني: أن المتبادر إلى أفهام أهل اللغة والعارفين بأساليب

اللغة العربية من لفظ " إنما " هو: الحصر، وإثبات المذكور ونفي ما

عدا المذكور، فلم تستعمل في موضع من النصوص الشرعية، أو

الأشعار العربية إلا ويحسن فيه الحصر والنفي، والأصل في

الاستعمالِ الحقيقة، والأمثلة على ذلك كثيرة.

ومنها قوله تعالى: (إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ) ، حيث حصر الله

سبحانه نفسه في صفة الوحدة مع أنه له صفات كثيرة، ولكنه

حصرها هنا باعتبار خاص، وهو المعلوم من سياق الآية، حيث قال