للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسُنَّة؛ لأننا لا نجري القياس فيما فيه نص من كتاب أو سُنَّة، بل

نجريه فيما ليس فيه نص، وليس في ذلك تقديم عليهما.

الدليل الثاني: قوله تعالى: (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ) ،

وقوله: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ) .

وجه الدلالة: أن هذا دلَّ على أن الكتاب اشتمل على جميع

الأحكام الشرعية، فما ليس في كتاب اللَّه وجب: أن لا يكون

حمقا، وجاء ذكر السُّنَّة فكانت حقاً، وجاء ذكر الإجماع فكان حقاً،

لكن لم يذكر القياس فوجب أن يبقى على النفي الأصلي، فلا يجوز.

جوابه:

يجاب عنه بأجوبة:

الجواب الأول: أن الكتاب قد اشتمل على جواز القياس مباشرة

بقوله تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) ، وغيرها من الآيات

التي ذكرتها في الاستدلال على أن القياس حُجَّة، فيكون الأمر

بالقياس قد ورد به الكتاب.

الجواب الثاني: إن لم يُسلّم أن الكتاب قد دلَّ على جواز القياس

مباشرة، فإنه دلَّ على ذلك بطريق غير مباشر؛ حيث إنه دلَّ على أن

السُّنَة حُجَّة بقوله تعالى: (وما آتاكم الرسول فخذوه) ، وغيرها

من الآيات.

ودل على أن الإجماع حُجَّة بقوله تعالى: (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ..) ، وغيرها من

الآيات - كما سبق بيانه - وهما - أي: السُّنَّة والإجماع - قد دلا

على أن القياس حُجَّة بواسطة الأحاديث التي ذكرناها أثناء استدلالنا