فقد دلَّ سؤاله واستكشافه عن نقصان الرطب عند الجفاف على أن
هذا النقصان عِلَّة لعدم جواز بيعه رطبا.
ولو لم يفهم منه ذلك: لا كان للسؤال عنه وذكر الحكم بعده
فائدة.
الحالة الثانية: أن يتوجه سؤال إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن حكم واقعة معينة، فيذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - حكم حادثة أخرى مشابهة لها منبها على وجه الشبه بذكر وصف مشترك بينهما، فيفيد أن ذلك الوصف عِلَّة لذلك الحكم.
مثاله: أن امرأة من جهينة جاءت إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول اللَّه، إن أمي أدركتها الوفاة وعليها فريضة الحج، فهل يجزئ أن أحج عنها؛ فقال:" أرأيت لو كان على أمك دين فقضيتيه أكان
فهنا: قد ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - نظير دين اللَّه، وهو دين الآدمي، ونبه على التعليل به؛ لكونه عِلَّة الانتفاع، ولو لم يكن قد ساقه لهذا الغرض - وهو التعليل به - لكان عبثا، ففهم من هذا: أن نظيره
في المسؤول عنه - وهو دين اللَّه وهو: الحج - كذلك عِلَّة لمثل ذلك
الحكم، وهو النفع.
الحالة الثالثة " أن يذكر الشارع وصفا ظاهراً في محل الحكم ابتداء
من غير سؤال، لو لم يكن هذا الوصف مؤثرأ في الحكم لكان ذكره
عبثاً.
مثاله: أنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لابن مسعود بعد ما توضأ بماء نُبذت فيه تمرات لتجذب ملوحته: " تمرة طيبة وماء طهور "،
فقد نبَّه - صلى الله عليه وسلم - على تعليل الطهورية ببقاء اسم الماء عليه.