للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرادوا من العلَّة الوصف المؤثر المعرف للحكم، ولم يريدوا جملة ما

يتوقف عليه المعلول، ولا دخل لوجود الشرط، وعدم المانع في

التأثير اتفاقا، بل المؤثر نفس الوصف، وقد تخلف الحكم عنه،

وهو موجود قطعا.

أما أصحاب المذهب الأول - وهم القائلون ببطلان المناسبة

بمعارضة المفسدة الراجحة أو المساوية - فإنهم أرادوا من العِلَّة أنها

جملة ما يتوقف عليه المعلول من وصف مؤثر معرف للحكم،

ووجود شرط وعدم مانع، ولا شك أن هذه الجملة تزول إذا تخلف

الحكم لفقد شرط، أو وجود مانع.

وهذا لا يمنع اتفاق أصحاب المذهبين على أن العِلَّة في غير موضع

التخلف تامة صحيحة يترتب عليها المعلول، وفي موضع التخلف

غير تامة، والحكم معدوم، وهو لم يترتب على العِلَّة إلا أن العدم

عند أصحاب المذهب الأول - وهم القائلون ببطلان المناسبة - مضاف

إلى عدم وجود العلَّة، أي: أن المناسبة لما بطلت بمعارضة مفسدة

راجحة أو مساوية كأنها لم توجد.

والعدم عند أصحاب المذهب الثاني - وهم القائلون بعدم

بطلانها - مضاف إلى وجود المانع، أو تخلف شرط.

أي: أن المناسبة موجودة لم تبطل بمعارضة تلك المفسدة الراجحة،

أو المساوية، ولكن لم يعمل بها؛ نظراً لوجود مانع، أو تخلف شرط.

إذن اتفق الفريقان على المعنى وهو: أنه لا يُعمل بالمناسبة المعارضة

بمفسدة راجحة أو مساوية، ولكن اختلفوا في سبب عدم العمل.

فأصحاب المذهب الأول قالوا: إن السبب هو: كون المناسبة

معارضة بالمفسدة فأسقطتها.

وأصحاب المذهب الثاني قالوا: إن السبب هو: وجود المانع.