فمثلاً: يقول المجتهد في ولاية الإجبار على النكاح: إن هذا
الحكم إما أن لا يكون معللاً بعلَّة أصلاً، أو يُعلل بالصغر، أو يعلل
بالبكارة، أو يعلل بغيرهما.
أما الأول - وهو: أن يكون الحكم غير معلل - فهو باطل
بالإجماع؛ حيث أجمع العلماء على تعليل هذا الحكم.
وأما الثاني - وهو أنه معلل بالصغر - فهو باطل أيضا؛ لأن
الحكم لو كان معللاً بالصغر للزم عليه ثبوت ولاية الإجبار على الثيب
الصغيرة، وهذا مخالف للنص، وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -:
"الثيب أحق بنفسها".
وأما الرابع - وهو أن الحكم معلل بغير الصغر والبكارة - فهو
باطل بالإجماع؛ حيث أجمع العلماء على عدم وجود غير هذين
الأمرين لتعليل الحكم بهما.
فلم يبق إلا الثالث وهو: أن الحكم معلل بالبكارة.
مثال آخر: أنه اختلف العلماء في جارية بين رجلين جاءت بولد
فادعياه، فقال بعض الغلماء: بالرجوع إلى قول القائف، وقال
آخرون: نقبل القرعة فيه، وقال فريق ثالث: بالتوقف، فلا ينسب
الولد إلى واحد منهما، وقال فريق رابع: يثبت النسب منهما جميعاً.
فإذا أفسدنا وأبطلنا الأقوال الثلاثة الأولى بأي طريق من طرق
الإبطال، فإنه يصح القول الرابع، وهكذا في جميع الأمثلة.
بيان أن هذا القسم يفيد العلية بالاتفاق:
التقسيم الحاصر يفيد العلية إما قطعاً، وإما ظنا.
فيفيد العلية قطعا في حالة كون الحصر للأقسام وإبطال الأوصاف