وهذا بخلاف العِلَّة المستنبطة، فإنها لما كانت ظنية فإنه يصح أن
يكون كل واحد منَ الوصفين - أو الأوصاف - عِلَّة كما أن سبب
ظن العلية حاصل في كل واحد من الوصفين.
جوابه:
لا نسلم ما ذكرتموه، فلا نسلم أن العلل المنصوص عليها كلها
قطعية، بل أكثر العلل المنصوصة ظنية، حيث إن هناك من النصوص
الدالة على علية الوصف آحاد، أو دلالة هذا النص على العِلَّة دلالة
ظنية وإن كان ثابتا عن طريق التواتر، وهذا أكثر العلل المنصوصة،
وما وجد من العلل المنصوصة القطعية فهو قليل جداً، ولا يمكن أن
تثبت قاعدة أصولية والمستند صور قليلة، ويترك صوراً كثيرة لا يلتفت
إليها.
بيان نوع الخلاف:
الخلاف هنا لفظي؛ لاتفاق أصحاب المذاهب على المعنى،
واختلافهم في العبارة؛ لأنه لا يوجد أحد من أصحاب المذاهب يمنع
قيام وصفين، كل واحدي منهما لو انفرد لاستقل بالحكم، لكن
يقال: هل الحكم مضاف إليهما أم هو مضاف إلى كل واحد منهما؛
ولقد رجحت في كتابي: " الخلاف اللفظي عند الأصوليين " أن
الخلاف معنوي، وفصَّلت في ذلك، ولكن الآن أعدل عما قلته
هناك إلى ما قلته هنا؛ لما سبق من التعليل.