وينبغي أن تتنبه إلى أن هذا الوصف الذي أبداه المعترض يحتاج إلى
أصل يرد إليه، ويحتاج إلى أن يكون ثابتا، ولا بد أن يكون ثبوته
بمسلك من المسالك المثبتة لعلية الوصف، ولا يشترط أن يكون
بالمسلك الذي أثبت به المستدل علية وصفه.
فالمعترض - في هذا - كالمستدل في كيفية إثباته لعلية الوصف،
فكما أن المستدل يحتاج لإثبات علية وصفه، فكذلك المعترض.
مثاله: قول المستدل: الوضوء طهارة عن حدث، فافتقرت إلى
النية؛ قياساً على التيمم.
فيقول المعترض: الوضوء طهارة بالماء، فلم تفتقر إلى النية؛
قياساً على إزالة النجاسة.
فهنا المستدل قد استند إلى " أصل "، و " عِلَّة ":
فالأصل هو: التيمم، والعِلَّة هي: الطهارة من الحدث.
وهو يرى: أن هذه العلَّة يشترك فيها الفرع - الذي هو الوضوء -
والأصل - الذي هو التيمم -، فيثبت في الفرع الحكم الثابت في
الأصل وهو: وجوب النية.
أما المعترض هنا فهو لم يسلم بهذا القياس، فأبدى في الفرع
وصفاً آخر قد استند فيه إلى أصل آخر، وهذا الوصف هو: كونه
طهارة بالماء، والأصل هو: إزالة النجاسة.
وهذا الوصف الذي أبداه المعترض قد عارض به ثبوت حكم
المستدل في الفرع: فيقتضي وصف المعترض في الفرع عدم وجوب
النية، ويقتضي وصف المستدل وجوب النية، إذن اقتضى وصف
المعترض في الفرع ضد ما اقتضاه وصف المستدل. "