أن لا يعرف الدليل الذي اعتمد عليه ذلك الغير - وهو المجتهد - في
حكمه، فخرج بهذا: المجتهد الذي وافق اجتهاده اجتهاد مجتهد آخر
وعرف دليل ذلك المجتهد الآخر على حكمه، فإنه لا يسمى تقليداً
كما يقال: أخذ أحمد بمذهب أبي حنيفة في هذه المسألة، أو أخذ
الشافعي بمذهب مالك.
وسبب قولنا هذا: أن المجتهد وإن كان آخذاً بقول الغير، لكنه
بسبب معرفته لدليل المجتهد الآخر حق المعرفة، وأخذه - حقيقة -
بالدليل، لا يسمى مقلداً، فيكون إطلاق الأخذ بمذهبه فيه تجوز.
وبناء على هذا: فإن الرجوع إلى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، والرجوع إلى الإجماعِ لا يسمى تقليداً؛ لأن كلًّا من قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - والإجماع يعتبر حُجّة في نفسه.
بخلاف فتوى المجتهد فإن قوله ليس بحُجَّة في نفسه، ولا يعتبر
دليلاً على الحكم؛ لأنه فتواه تحتاج إلى دليل يعتمد عليه.