قلناه -؛ لأن هذه القواعد - ككون الإجماع والقياس وخبر الواحد
حُجَّة - هي وسيلة إلى العمل، فالغاية المطلوبة منها العمل،
والموضوع عمل من أعمال المكلفين، وتلك هي مسائل المكلفين.
أي: أن حكم الشرع بكون الإجماع والقياس وخبر الواحد حُجَّة
معناه: أن نتعبد ونعمل بالحكم الذي يثبت عن طريق تلك الأدلة،
ويجب العمل بمقتضاه، والإفتاء بموجبه.
قولنا: " المكتسب من الأدلة ": لفظ " المكتسب " مرفوع،
حيث إنه وصف للعلم، أي: أن هذا العلم بالأحكام الشرعية
العملية مأخوذ بسبب النظر بالأدلة واستنباط الأحكام منها، فأي
شخص حصل على العلم بالأحكام بدون النظر بالأدلة لا يسمى فقيهاً
مهما كان.
وعلى هذا خرج بهذه الكلمة - أعني: " المكتسب من الأدلة " -
ما يلي:
١ - علم اللَّه تعالى؛ لأنه لا يوصف بأنه أخذ من أدلة، حيث إنه
أزلي غير مكتسب.
٢ - علم الأنبياء عليهم السلام بالأحكام من غير اجتهاد، حيث
يتلقى ذلك عن طريق الوحي.
أما علم الأنبياء والرُّسُل الحاصل عن اجتهاد ونظر، فهو علم
مكتسب، لذلك يوصف بأنه فقيه في هذا الذي اجتهد فيه.
٣ - علم الملائكة؛ لأنه مأخوذ من اللوح المحفوظ.
٤ - علم المقلد الذي لم يجتهد في تحصيل واستنباط أي حكم من
الأحكام من أدلتها، بل أخذ الحكم عن المجتهد، فمعرفته ببعض
الأحكام ليست حاصلة عن دليل أصلاً لا إجمالي، ولا تفصيلي.