للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الدار المغصوبة صحيحة - بما تناقله الأصوليون وهو: أن السلف

- رحمهم اللَّه - لم يكونوا يأمرون من تاب من الظلمة بقضاء

الصلوات التي أدوها في الأماكن التي غصبوها، وهذا يدل على أنها

صحيحة، ولو لم تكن صحيحة لأمروهم بقضاءها.

فلم أذكر ذلك؛ لأمرين:

أولهما: أن حقيقة الإجماع الصريح لم توجد؛ حيث إنه لم ينقل

عن السلف أنهم اتفقوا على أن الظلمة تسقط عنهم الصلوات التي

أدوها في أماكن مغصوبة لا عن طريق التواتر، ولا عن طريق

الآحاد، وعدم النقل عن السلف لا يعتبر نقل الاتفاق، فمن زعم

الإجماع بعد ذلك فهو جاهل بحقيقته.

ثانيهما: إن زعموا: أن ذلك جاء عن طريق الإجماع السكوتي،

فهذا - أيضا - لا تقوم الحجة به لهم؛ حيث إنه معروف أن الإجماع

السكوتي لا يعتبر إجماعا ولا حجة عند بعض العلماء.

وأيضا روي عن الإمام أحمد: أنه يبطل الصلاة في الدار المغصوبة

- وهي رواية مشهورة عنه - وهو إمام النقل، وأعلم بأحوال

السلف، فمخالفته تنقض الإجماع.

التنبيه الثاني: قد ذكر بعض العلماء مذهباً ثالثا في المسألة وهو:

أن الصلاة في الدار المغصوبة ليست صحيحة، ولكن يسقط الطلب

عندها لا بها، وهو منسوب للقاضي أبي بكر الباقلاني.

ولقد ذكرت في " إتحاف ذوي البصائر بشرح روضة الناظر " دليل

هذا المذهب، وبيَّنا أنه قريب من المذهب القائل: إن الصلاة في

الدار المغضوبة لا تصح، فراجعه من هناك.