للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرابع: الحكم الثابت بدليل راجح في مقابلة حكم ثبت بمرجوح،

فإن المرجوح لا يسمى دليلاً، وحينئذ فالحكم الثابت بالدليل الراجح

لا يسمى رخصة؛ لأنه لم يثبت على خلاف الدليل.

الخامس: الأحكام التي كانت على الأمم السابقة ثم وضعت عنا

كالإصر - وهو: الحمل الثقيل الذي يأصر صاحبه فيلاقي في تحمله

أشد المشقة - وكالأغلال - وهي: الأعمال الشاقة المغلظة - فإن هذا

الوضع لا يسمى رخصة حقيقية؛ لأنها لم تخالف دليلاً من الأدلة،

وإن كان بعضهم يسميها رخصة مجازية؛ لما في ذلك من التخفيف

واليسر عند مقارنة حالنا بحالهم، كما قال الخبازي، والنسفي،

وقد تكلمت عن هذا بتوسع في كتابي: " إتحاف ذوي البصائر بشرح

روضة الناظر "، و " الرخص الشرعية وإثباتها بالقياس " فارجع

إليهما إن شئت.

قولنا: " لعذر ": المراد بالعذر: المشقة الشاملة للضرورة والحاجة.

أي: أن العذر يشمل الاضطرار من أكل الميتة ونحوها، ويشمل

أحكام السفر والمرض ونحوه، وكذلك بعض أنواع العقود من

السلم، والمساقاة، والإجارة، والقراض، والعرايا، ونحو ذلك مما

يخالف القياس والقواعد المقررة.

واشترط الشاطبي للعذر أن يكون شاقاً، حيث قال في تعريفه:

" الرخصة: ما شرع بعذر شاق استثناء من أصل كلي يقتضي المنع

مع الاقتصار على مواضع الحاجة فيه ".

والحق أن هذا الشرط غير صحيح؛ لأننا لو اشترطناه في العذر

للزم من ذلك خروج أكثر الرخص التي كانت كالسلم، والمساقاة،

والقراض.