فكذلك الرواية يشترط في تعديل الراوي أو جرحه اثنان، فكان
العدد معتبراً فيهما معاً.
جوابه:
يجاب عنه: بأن هذا قياس مع الفارق فلا يصح، وذلك لافتراق
أصل الشهادة عن أصل الجرح والتعديل، بيان ذلك:
أنه لا يقبل في تعديل الشاهد، أو جرحه إلا اثنان، ولا يكتفى
بواحد، وذلك لأن الأصل - وهي الشهادة - يشترط فيه اثنان،
فالفرع مثل ذلك يشترط فيه اثنان.
أما الرواية فتختلف عن ذلك فيقبل في تعديل الراوي أو جرحه
واحد، وذلك لأن الأصل - وهي الرواية - لا يشترط العدد فيه
فيكفي فيه واحد، فالفرع - وهو جرح الراوي أو تعديله - مثل ذلك
لا يشترط.
أي: كما أن العدد لا يشترط في قبول الخبر، فلا يشترط في
جرح وتعديل راوي الخبر.
المذهب الثالث: الفرق بين تعديل الراوي فيقبل من واحد، وبين
تجريحه فلا يقبل إلا من اثنين.
نسب هذا إلى القاضي أبي بكر الباقلاني، واختاره بعض الحنفية،
ومنهم الكمال بن الهمام.
جوابه:
يجاب عنه: بأن هذا التفريق بينهما لا دليل عليه صحيح، وما لا
دليل عليه فلا يعوَّل عليه، ثم إنه لا فرق بينهما فيما يؤول إليه الأمر.