المسألة الثامنة عشرة: مخالفة الراوي للحديث الذي رواه:
إذا روى الراوي العدل حديثا، وروي عنه: أنه قد عمل بخلافه،
فهل نعمل بالحديث، ونترك عمله المخالف له أو نترك الحديث ونعمل
بما رآه وعمل به؟
الحق أن في ذلك تفصيلاً هو كما يلي:
أولاً: إن علمنا مأخذه ودليله على مخالفته للحديث الذي رواه،
وكان هذا المأخذ وهذا الدليل مما يوجب حمل الحديث على ما ذهب
إليه وجب اتباع ذلك الدليل، وترك الحديث لأجل ذلك الدليل
الذي أوجب مخالفته، لا لأن الراوي عمل به؛ لأنه ليس عمل أحد
المجتهدين حُجَّة على المجتهد الآخر.
ثانياً: إن جهلنا مأخذه ودليل الراوي على مخالفة الحديث الذي
رواه، فقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أنة يجب العمل بالحديث، وترك عمل الراوي
مطلقا.
ذهب إلى ذلك جمهور العلماء.
وهو الحق؛ للأدلة التالية:
الدليل الأول: أن الراوي قد توفرت فيه شروط الرواية، وقد
جزم بروايته للحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا هو الأصل في وجوب العمل بالحديث.
أما عمل الصحابي بخلاف ما روى فيتطرق إليه عدة احتمالات:
ومنها: احتمال أنه قد نسى الحديث، ومنها: احتمال أنه قد
حمل الحديث على أحد محامله وقد أخطأ فيه، ومنها: أنه قد اطلع