ثانياً: حجيته:
لقد اختلف العلماء في ذلك على مذهبين:
المذهب الأول: أن التقرير حُجَّة، وهو قسم من أقسام السُّنَّة
النبوية، وهو مذهب جمهور العلماء.
وهو الحق، لما يلي من الأدلة:
الدليل الأول: أن النهي عن المنكر واجب، وتركه معصية،
ويتنزه عنها أهل التقى من الأُمَّة، فمن باب أوْلى أن يتنزه عنها
الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم؛ وهو أول المسلمين
وأتقاهم لله، ولو جاز له ترك إنكار المنكر لجاز ذلك لأُمَّته.
الدليل الثاني: أن اللَّه تعالى أرسل نبيه بشيراً ونذيراً يأمر بالمعروف
وينهى عن المنكر، فلو سكت عما يفعل أمامه مما يخالف الشرع لم
يكن ناهياً عن المنكر.
الدليل الثالث: إجماع الصحابة - رضوان اللَّه عنهم - فقد كانوا
يحتجون بتقريره - صلى الله عليه وسلم - على الجواز، بدون نكير من أحد منهم، ومن أمثلة ذلك:
١ - قول أبي بن كعب: " الصلاة في ثوب واحد سُنَّة كنا نفعله
على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يعاب علينا ".
٢ - أن أنس بن مالك سئل وهو غاد إلى عرفة: كيف كنتم
تصنعون في هذا اليوم مع رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال:
" كَانَ يُهِلُّ مِنَّا الْمُهِلُّ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ وَيُكَبِّرُ مِنَّا الْمُكَبِّرُ فَلَا يُنْكِرُ عَلَيْهِ ".
المذهب الثاني: أن التقرير من - صلى الله عليه وسلم - ليس بحُجَّة في الشرع.
ذهب إلى ذلك بعض العلماء.