المذهب الثاني: أن إجماع الصحابة حُجَّة فقط، أما إجماع غيرهم
فليس بحجة.
وهو مذهب كثير من الظاهرية.
أدلة هذا المذهب:
الدليل الأول: قوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) .
وجه الدلالة: أن الله قد أثنى على الصحابة في القرآن الكريم،
والثناء يدل على أن أقوالهم معتبرة، لصدقها يقينا، فدل على أن
اجتماعهم حُجَّة.
جوابه:
يجاب عنه من وجهين:
أحدهما: أن الآية ليست خاصة بالصحابة، بل هي شاملة لهم
ولغيرهم بدليل قوله: (والذين اتبعوهم) ، فهذا شامل لجميع
المتبعين بإحسان من بعد الصحابة إلى آخر المسلمين، فيلزمهم أن
تكون دالة أيضاً على حجية إجماع غيرهم لاشتراكهم جمبعا في المدح.
ثانيهما: إذا كان الثناء والمدح يدل على أن أقوال الممدوحين
معتبرة، فالله تعالى كما أثنى على الصحابة فقد أثنى على الأُمَّة
الإسلامية بقوله: (وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم) أي:
اختاركم لدينه ونصرته، وقال: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا)
أي: عدولاً، وقال: (كنتم خير أُمَّةٍ) ، وغير ذلك من الآيات،
فيدل على أن اللَّه قد أثنى على الأُمَّة - أيضاً - فيلزم أن الإجماع ليس
خاصا بالصحابة، بل هو عام لكل عصر.