للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدليل الرابع: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لما بين أن الأُمَّة معصومة عن الخطأ

بالأحاديث السابقة الذكر، فإنه لم يفهم من ذلك إلا عصمة العلماء

المجتهدين الذين تتصور منهم إصابة الحكم الشرعي الصحيح؛ نظراً

لأهليتهم ومعرفتهم بالاستدلال، أما العامي، فلا نتصور ثبوت

العصمة في حقه؛ لأنه يقول الحكم بلا دليل.

المذهب الثاني: أن قول العامي معتبر في الإجماع، أي: أن

موافقة العوام معتبرة في انعقاد الإجماع، وكذلك مخالفتهم.

وهو ما اختاره بعض المتكلمين كما حكاه ابن الصباغ وابن برهان،

ونقله إمام الحرمين وابن السمعاني والصفي الهندي عن القاضي أبي

بكر الباقلاني.

دليل هذا المذهب: عموم لفظ " المؤمنين "، ولفظ " الأُمَّة "

للعالم، والعامي، إذن اسم " المؤمنين "، و " الأُمَّة " يتناول

الجميع، فلا يخرج العوام إلا بدليل، ولا دليل، وعلى ذلك يعتبر

قول العامي كغيره من الأُمَّة في انعقاد الإجماع.

جوابه:

يجاب عنه بجوابين.

الجواب الأول: أن العوام وإن كانوا من الأُمَّة ومن المكلَّفين إلا

أنهم ليسوا من أهل النظر، فأشبهوا غير المميزين في عدم الفهم،

فهم مقلدون للمجتهدين الذين هم من أهل النظر، ولا يتصور

عصمة الأُمَّة عن الخطأ إلا عصمة من يتصور منه الإصابة هو وحده أو

مع غيره؛ لكونه أهلاً لها، فوجب أن يراد من الأدلة الدالة على

عصمة الأُمَّة: عصمة مجتهديهم فقط، وهذا هو دليل إخراجهم من

عموم تلك الألفاظ.