للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكن اختلفوا فيما إذا نفى بعض المجتهدين حكما من الأحكام،

فقال: هذا الحكم لا يثبت عندي فهل يطالب بدليل على هذا؛ على

مذاهب:

المذهب الأول: أنه يطالب بالدليل، ويلزم الدليل مطلقاً.

وهو مذهب جمهور العلماء.

وهو: الحق؛ للأدلة التالية:

الدليل الأول: قوله تعالى: (وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)

وجه الدلالة: أن اليهود والنصارى لما نفوا وقالوا: لن يدخل

الجنة إلا نحن: أمر اللَّه - تعالى - بأن يطالبهم بالدليل على هذا

النفي، وهذا يفيد أن النافي يلزمه الدليل.

الدليل الثاني: أن نفي الحكم دعوى، والدعوى لا تثبت إلا

بدليل.

الدليل الثالث: أنه لو لم يلزم النافي الدليل للزم من ذلك: أن

لا يطالب أحد بأي دليل على دعواه، مما يؤدي إلى دعوى أحكام

بلا أدلة، بيان ذلك:

أن المثبت للحكم يمكنه أن يعبر عن المقصود الذي يريد إثباته بعبارة

نافية، فإذا أراد - مثلاً - إثبات أن فلانا قادر يقول - بدل ذلك -:

" فلان ليس بعاجز "، فيستطيع كل مدع للعلم، وأهل الأهواء أن

يدخلوا مع هذا الباب، فلا يذكروا أدلة على ما يقولون فتختل

الشريعة، وإذا كان هذا يؤدي إلى عدم الاستدلال للأحكام فهو

باطل " لأن ما أدى إلى الباطل فهو باطل، فثبت: أنه لا بد للنافي

للحكم من دليل سداً لذلك.