للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يصلون على النبي الآية إعلامًا منه تعالى لعباده حتى يتم انقيادهم لما أمروا به ونهوا عنه بذكرهم لهذه المنزلة الرفيعة لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - عنده من أنه يصبي عليه هو وملائكته ثم أمرنا معشر المؤمنين بالصلاة عليه والتسليم ليجتمع الثناء عليه من أهل العالم العلوي والسفلي.

والصلاة لغة الدعاء وتقدم الخلاف في أن إطلاق الصلاة على الشرعية هل هي حقيقة شرعية أو مجاز شرعي أولًا ولا والقول بأنها مشتقة من الصلوين وإن قال به المصنف كالزمخشري سبق تضعيفه وقدره الفخر الرازي بأن القول به يفضي إلى طعن عظيم في كون القرآن حجة لأن لفظ الصلاة من أشد الأشياء شهرة وأكثرها دورانًا على ألسنة المسلمين وهذا الاشتقاق من أبعل الأشياء شهرة فيما بين أهل النقل فلو جوزنا أنه يسمي الصلاة لما ذكر ثم أنه خفي واندرس حتى صار بحيث لا يعرفه إلَّا الآحاد لجاز مثله في سائر الألفاظ وبتجويزه ينتفي القطع بأن مراد الله منها معانيها المتبادر الفهم إليها لاحتمال أنها كانت في زمنه - صلى الله عليه وسلم - موضوعة لمعانٍ أخر وكان مراد الله تعالى تلك المعاني إلَّا أنها خفيت في زمننا واندرست كما وقع مثله في هذه اللفظة ولما كان ذلك باطلًا بالإجماع علمنا أن الاشتقاق المذكور باطل مردود اهـ. قيل والحق أن ما ذكر لا يلزم الزمخشري لأن المشتق قد يشتهر اشتهارًا ما ويخفى المشتق منه إذ لا تلازم بينهما في الاشتهار لأن الاشتقاق لأمر اعتباري لا يعرفه إلَّا أهل الصناعة. وأما تبادر معنى اللفظ فأمر بديهي يعرفه الخاص والعام بالسليقة من غير تكلف فلا يلزم على كلام الزمخشري بما التزم به غاية ما فيه أن شأن المعنى الحامل على الاشتقاق أو المقتضى له الاطراد والدعاء هو الأمر الظاهر المطرد فكأن اعتباره في الاشتقاق أولى. ثم أن الصلاة من الله تعالى وملائكته والمؤمنين وقع فيها اختلاف طويل فقيل معنى صلاة الله عليه ثناؤه عليه عند ملائكته ومعنى صلاة الملائكة دعاؤهم له ورجح بأن فيه استعمال لفظ الصلاة في حقه تعالى وحق الملائكة والمؤمنين بمعنى واحد فمعنى صلاة الله عليه ثناؤه وتعظيمه له بين ملائكته وصلاة الملائكة وغيرهم طلب ذلك له من ربه أي طلب زيادته لوجود أصله بنص الآية وعلى هذا يحمل قول ابن عباس معنى صلاة الملائكة الدعاء بالبركة أي الزيادة وبه يتضح قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: ٤٣] فصلاته تعالى رحمته وصلاتهم سؤالهم إياها لعباده

<<  <  ج: ص:  >  >>