للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومعنى اللهم صل على محمد عظمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء شريعته وفي الآخرة بتشفيعه في أمته وإجزال أجره ومثوبته وإبداء فضله للأولين والآخرين بالمقام المحمود وتقديمه على كافة المقربين الشهود، ولا ينافي تفسيرها بالتعظيم عطف آله وصحبه عليه في ذلك لأن تعظيم كل أحد بحسب ما يليق به. وقيل معنى صلاة الله مغفرته وصلاة الملائكة الاستغفار ويمكن رجوعه لما قبله بجعل المغفرة نوعًا من أنواع التعظيم والاستغفار نوع من أنواع ذلك الدعاء واقتصر عليها للاهتمام بها، وقيل معنى صلاة الله تعالى رحمته وصلاة الملائكة رقة تبعث على استدعاء طلب الرحمة والثاني يرجع لما مر أنها منهم الدعاء، والأول: إن أريد بالرحمة فيه المقرونة بالتعظيم رجع لما مر أيضًا أنها من الله ثناؤه عليه وتعظيمه فيكون القولان متحدين بالحقيقة والخلاف في اللفظ فقط إذ لا يسمع أحد القول بأن صلاته تعالى أو رحمته بأمته بمعنى صلاته ورحمته للمؤمنين لأن القدر اللائق به من ذلك أرفع وأجل وهذا الأجل الأرفع فيه من الخصوص ما ليس في مطلق الرحمة فخص باسم الصلاة وخص اسمها باستعمال الأنبياء تمييزًا له ولهم بشرفه وشرفهم، وإن أريد بها مطلق الرحمة بوجه الاعتراض عليه بأن الله تعالى غاير بينهما في أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة والصحابة فهموا المغايرة لسؤالهم عن معنى الصلاة في الآية مع أنهم علموا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فلو اتحدتا لما سألوا عن الصلاة لقال لهم النبي قد علمتم الصلاة بعلومكم الدعاء بالرحمة، وأيضًا فقد أجمعوا على جواز الترحم على الأنبياء واختلفوا على أقوال شتى في الصلاة على غير الأنبياء فهذا صريح في مغايرتهما، وعلى كون المراد بها الرحمة المقرونة بالتعظيم فيجاب عما أورد على الوجه المذكور بأن لا مانع من أن الصلاة رحمة خاصة فلما فيها من الخصوص غوير بينهما بالعطف وفي كلام الزمخشري تصريح بما يؤول إليه وبأنه إنما احتاج الصحابة إلى السؤال عن كيفيتها ليحيطوا بذلك الخصوص، ولا يرد عليه إجماعهم على جواز الترحم على غير الأنبياء واختلافهم في جواز

الصلاة لما تقرر من أن الصلاة أخص ففيها معنى زائد على مطلق الرحمة فجازت مطلقًا اتفاقًا وامتنعت الصلاة على غير الأنبياء على قول رعاية لذلك المعنى لأخص ومن ثم وجبت بعد التشهد مع اشتماله على الدعاء بالرحمة، وهذا إن تأملته يظهر لك أن لا خلاف في الحقيقة بينه وبين

<<  <  ج: ص:  >  >>