وروينا في كتاب ابن السني بإسناد جيد، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلْيُصَلِّ عَليّ، فإنَّهُ
ــ
فلم يغفر له معناها الاستبعاد أي بعيد ممن اتصف بالعقل والإيمان أن يجد سبيلًا إلى تعظيمه فيخالف ذلك إلى انتهاك حرمته وابتذال حقه فإن فعل وترك القيام بواجبه استحق من الله تعالى البعد والذل والهوان وكذا بر الوالدين لأن برهما هو تعظيمهما وتوفيرهما وذلك مستلزم لتعظيم الله وتنزيهه إذ قرن تعالى الإحسان إليهما بتوحيده وعبادته فقال وقضى ربك ألا تعبدوا إلَّا إياه وبالوالدين إحسانًا ومعنى الفاء في فلم يدخلاه الجنة الاستبعاد أيضًا أي بعيد من أهل الإحسان إليهما لا سيما في حال كبرهما إذ الغرض في القيام بحقهما والتحفي بشأنهما فإن حرم ذلك بأن أهانهما واستصغر حقهما صار من أهل الجنايات فاستوجب الحرمان والبعد من جميع الخيرات، وأما الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فهي عبارة عن طلب تعظيمه وإجلاله من الله تعالى وهو في الحقيقة تعظيم لله قال تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله فمن عظم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالصلاة عليه عند ذكره وأظهر تبجيله ورفعة قدره استحق من الله التعظيم وعلو المكانة ومن استخف بما أبانه الله وأرشده إليه من باهر فضله وإثارة بدره وبركة الصلاة عليه عند سماع ذكره فقد استوجب الطرد والخزي والإهانة وكان خليقًا بعقاب البعد والخوف أن لم يصل عليه - صلى الله عليه وسلم - فيفوز بالظفر والأمانة وقوله "فلم يصل عليه" الفاء معناها الاستبعاد أيضًا أي بعيد من معتقد الإيمان أن يتمكن من إجراء كلمات معدودات على لسانه يتوجب بهن عشر صلوات من الله عزّ وجّل وكفى به فائدة إلى غير ذلك من رفع الدرجات ثم يتعمد ترك ذلك حتى يفوته هذا الخير الكثير فيكون بالذل والغضب والبعد جدير اهـ.
قوله:(وَرَوَيَنا في كتابِ ابن السني الخ) أورده في الجامع الصغير بهذا اللفظ من حديث أنس وعزا تخريجه للنسائي وبجانبه علامة الصحة قال الحافظ أخرجه النسائي آخر فضائل القرآن وكأن المصنف خفي عليه ذلك لكونه ذكره في غير مظنته فنقله من جهة ابن السني ووصف السند بالجودة كأنه بالنظر إلى رجاله بأنهم موثقون لكن في السند انقطاع وفي القول البديع بعد إيراده الحديث